في السنوات الأخيرة، أصبح الحديث عن مركبات PFAS، والمعروفة باسم "المواد الكيميائية الأبدية"، أمرًا شائعًا بسبب خطورتها على الصحة العامة وصعوبة التخلص منها. هذه المواد توجد في الكثير من المنتجات اليومية مثل أدوات الطهي غير اللاصقة، الملابس المقاومة للماء، والمواد الكيميائية الصناعية.
ولكن المفاجأة جاءت من أبحاث حديثة تُظهر أن ميكروبات الأمعاء قد تلعب دورًا محوريًا في طرد هذه المواد من الجسم. فهل يمكن أن تتحول البكتيريا النافعة في أمعائنا إلى سلاح بيولوجي لتنظيف أجسادنا من هذه السموم؟
![]() |
دراسة حديثة : ميكروبات الأمعاء قد تخلص الجسم من المواد الكيميائية السامة إلى الأبد |
ما هي PFAS؟ ولماذا تُسمى "المواد الكيميائية الأبدية"؟
PFAS هي اختصار لـ Per- and Polyfluoroalkyl Substances مواد البيرفلورو ألكيل والبوليفلورو ألكيل ، وهي مجموعة من المركبات الكيميائية التي لا تتحلل بسهولة في الطبيعة أو الجسم. تُستخدم منذ خمسينيات القرن الماضي في تصنيع:
- أواني الطهي غير اللاصقة (مثل التيفال)
- الملابس المقاومة للماء
- مواد التغليف المقاومة للدهون
- رغوة مكافحة الحرائق
- أدوات النظافة ومنتجات التجميل
🌍 الخطورة؟
تتراكم PFAS في الدم والكبد، ويمكن أن تظل في الجسم لعقود. الدراسات تربطها بأمراض مثل:
- بعض أنواع السرطان (مثل سرطان الكلى والخصية)
- مشاكل الغدة الدرقية
- ضعف جهاز المناعة
- ارتفاع الكوليسترول
- اضطرابات هرمونية
ميكروبات الأمعاء: الحليف المجهول في معركة السموم
نشرت مجلة Nature Microbiology دراسة جديدة في يوليو 2025 كشفت أن بعض البكتيريا النافعة الموجودة طبيعيًا في الأمعاء، مثل الإشريكية القولونية (E. coli)، قادرة على:
- امتصاص مركبات PFAS من الطعام والماء
- تخزينها داخل خلاياها دون أن تتأثر سلبيًا
- طردها عبر البراز، ما يُقلل من تراكمها في الجسم
🧪 نتائج التجربة
نتائج التجربة على الفئران: تم زرع بكتيريا أمعاء بشرية داخل فئران "معقمة" لا تحتوي على ميكروبات، وتم تعريضها لمركبات PFAS. النتائج كانت صادمة:
- الفئران ذات الميكروبات البشرية أفرزت نسبًا أعلى من PFAS في البراز
- الفئران الخالية من البكتيريا احتفظت بنسبة أكبر من هذه المواد في أجسامها
هل يمكن استخدام البروبيوتيك كعلاج مستقبلي لطرد PFAS؟
البروبيوتيك هي مكملات تحتوي على بكتيريا نافعة للأمعاء. الباحثون يقترحون أنه في المستقبل يمكن:
- تطوير مكملات بروبيوتيك خاصة قادرة على امتصاص PFAS
- استخدامها ضمن برامج إزالة السموم Detox
- دمجها مع نظام غذائي غني بالألياف لتسريع طرد هذه المركبات
📌 نقطة مهمة: هذه الطريقة غير جاهزة للاستخدام السريري بعد، لكنها واعدة جدًا وتفتح آفاقًا لعلاج التلوث الكيميائي من الداخل.
كيف نحمي أنفسنا من PFAS في الوقت الحالي؟
رغم أنه لا يمكن تجنب PFAS تمامًا، يمكنك تقليل التعرض لها عبر:
✅ تجنب استخدام أواني الطهي غير اللاصقة الرخيصة أو القديمة
✅ اختيار أدوات المطبخ المصنوعة من ستانلس ستيل أو الزجاج
✅ قراءة ملصقات المنتجات وتجنّب تلك التي تحتوي على "PTFE" أو "PFOA"
✅ تجنب الوجبات الجاهزة والمغلفة بأوراق مقاومة للدهون
✅ شرب المياه المفلترة عبر فلاتر متخصصة لإزالة PFAS
✅ دعم القوانين التي تُطالب الشركات بتقليل استخدام هذه المواد
نختم بأن ميكروبات الأمعاء لم تعد فقط جزءًا من الهضم والمناعة، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا في التخلص من السموم الكيميائية الخطيرة مثل PFAS. الأبحاث لا تزال في بدايتها، لكن مستقبل العلاج قد يتجه نحو استخدام البكتيريا النافعة كخط دفاع داخلي ضد المواد الكيميائية "الدائمة".
للمزيد من المقالات العلمية الجديدة والحصرية تابع موقع ahmed abdelhaleem
إرسال تعليق